responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 495
ارهبوا أن تشركوا بي شيئا وأخلصوا لي الطاعة، كقوله تَعَالَى: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ [الزُّمَرِ: 3] .
ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَالِكُ النَّفْعِ وَالضُّرِّ، وَأَنَّ مَا بالعباد مِنْ رِزْقٍ وَنِعْمَةٍ وَعَافِيَةٍ وَنَصْرٍ فَمِنْ فَضْلِهِ عليهم، وإحسانه إليهم ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ أَيْ لِعِلْمِكُمْ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِزَالَتِهِ إلا هو فإنكم عند الضرورات تلجأون إليه وتسألونه وتلحون في الرغبة إليه مستغيثين به، كقوله تَعَالَى: وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً [الْإِسْرَاءِ: 67] وَقَالَ هَاهُنَا: ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ قِيلَ: اللَّامُ هَاهُنَا لَامُ الْعَاقِبَةِ. وَقِيلَ: لَامُ التَّعْلِيلِ بِمَعْنَى قَيَّضْنَا لَهُمْ ذَلِكَ لِيَكْفُرُوا أَيْ يَسْتُرُوا وَيَجْحَدُوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُ الْمُسْدِي إِلَيْهِمُ النِّعَمَ، الْكَاشِفُ عَنْهُمُ النِّقَمَ، ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ قَائِلًا فَتَمَتَّعُوا أَيِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ وَتَمَتَّعُوا بِمَا أَنْتُمْ فِيهِ قَلِيلًا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ أَيْ عاقبة ذلك.

[سورة النحل (16) : الآيات 56 الى 60]
وَيَجْعَلُونَ لِما لَا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ قَبَائِحِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ والأنداد بغير علم، وجعلوا للأوثان نَصِيبًا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ [الْأَنْعَامِ:
136] أَيْ جَعَلُوا لِآلِهَتِهِمْ نَصِيبًا مَعَ اللَّهِ وفضلوها عَلَى جَانِبِهِ، فَأَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ لَيَسْأَلَنَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ الَّذِي افْتَرَوْهُ وَائْتَفَكُوهُ وَلَيُقَابِلَنَّهُمْ عَلَيْهِ وَلَيُجَازِيَنَّهُمْ أَوْفَرَ الْجَزَاءِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فقال: تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا، وجعلوها بنات الله فعبدوها معه، فأخطأوا خَطَأً كَبِيرًا فِي كُلِّ مَقَامٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقَامَاتِ الثَّلَاثِ، فَنَسَبُوا إِلَيْهِ تَعَالَى أَنَّ لَهُ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ لَهُ، ثُمَّ أَعْطَوْهُ أَخَسَّ الْقِسْمَيْنِ مِنَ الْأَوْلَادِ وَهُوَ الْبَنَاتُ، وَهُمْ لَا يَرْضَوْنَهَا لِأَنْفُسِهِمْ، كَمَا قَالَ: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى [النجم: 21- 22] .
وقوله هَاهُنَا: وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ أَيْ عَنْ قَوْلِهِمْ وَإِفْكِهِمْ أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [الصَّافَّاتِ:
151- 154] . وَقَوْلُهُ: وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ أَيْ يَخْتَارُونَ لِأَنْفُسِهِمُ الذُّكُورَ وَيَأْنَفُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْبَنَاتِ الَّتِي نَسَبُوهَا إِلَى اللَّهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا، فإنه إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا أَيْ كَئِيبًا مِنَ الْهَمِّ وَهُوَ كَظِيمٌ سَاكِتٌ مِنْ شِدَّةِ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْحُزْنِ.

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 495
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست